صورة وحكاية (الجزء الأول)
(1)أمام المحيط الكبير وعند شاطئه الفسيح وقف طفل صغير من أطفال المكسيك ونظر إلى نجمة البحر التي قذفتها الأمواج الهائجة. وبعد ثوان من التأمل قرر الصبي أن يجري نحو نجمة ليعيدها إلى المحيط قبل أن تموت وكلما أعاد نجمة إلى البحر قذفت الأمواج بالعشرا...ت ولكن الصبي لم يكترث بذلك وراح بجد ونشاط يقوم بدوره الإنساني الإيجابي نحو نجوم البحر… فجأة ناداه فيلسوف كان يتابع نشاطه وقال له : يا بني لماذا تعيد نجوم البحر إلى موطنها ؟ يا بني ألا ترى ملايين النجوم قد تناثرت على الشاطئ ؟
قال الصبي : إنني أشعر بالسعادة لأنني أحاول أن أخدم الآخرين ويكفيني فخراً أنني أبذل الذي أستطيعه.
قال الفيلسوف : أن نجمة البحر التي أنقذتها قد تلفظها الأمواج من جديد فتعود إلى الساحل وتموت. يا بني انظر إلى ملايين النجوم انك لم تصلح شيئاً .. انظر إلى الأمام .. انظر بواقعية ..
قال الصبي : لقد شغلتني بحوارك هذا عن عملية الإنقاذ فاتركني لأعمل واجلس أنت في برجك العاجي وانظر إلى موت الملايين من نجوم البحر دون أن تحرك ساكنا أما أنا فسعادتي بأن أبذل وأسعى في انتشال مما يمكن انتشاله.
مضى الصبي يلقي بالنجوم إلى المحيط ويطرب بسماع صوت الأمواج دون إحباط ويواجهها بالأمل اليافع والعمل النافع غير عابئ بالفيلسوف الذي حاول أن يسبح في محيط الأفكار ولكنه غرق مع أمواج وأفواج القنوط والتثبيط.
لم يعلم الفيلسوف أن المطلوب منه السعي في الإصلاح مهما كانت الجراح .... لم يعلم ان الطفل همه هو المساعدة مهما كان الوضع ..
ونحن ايضا لم نفهم هذه القصة كثيرا .. بل نعاكسها كل يوم بالاكتفاء بالكلام دون العمل ... لقد عاش الطفل في أعماق الحياة فغرس الأمل على طول رمال الساحل وعاش الفيلسوف على هامشها فلم ينفعه علمه الواسع في خدمة الواقع.
انت .. مهما كان مكانك في هذه الحياة بامكانك المساعدة .. بفكرة جديدة تضئ للاخرين طريقهم .. بصدقة تسعد بها يتيما .. بمعلومة تضيئ عقل جاهل ...
لاتكتفي بالنظر والتحليل فقط ... وانشغل بالعمل والمساعدة ..
وايضا لاتكتفي بقراءة هذه القصة فقط .. ولكن انشرها ليتعلم غيرك ...
(2)يحكى أن ثلاثة من العميان دخلوا في غرفة بها فيل.. و طلب منهم أن يكتشفوا ما هو الفيل ليبدأوا في وصفه ..
بدأوا في تحسس الفيل و خرج كل منهم ليبدأ في الوصف :
قال الأول : الفيل هو أربعة عمدان على الأرض !
قال الثاني : الفيل يشبه الثعبان تماما !
و ...قال الثالث : الفيل يشبه المكنسة !
و حين وجدوا أنهم مختلفون بدأوا في الشجار.. و تمسك كل منهم برأيه و راحوا يتجادلون و يتهم كل منهم أنه كاذب و مدع !
اهو ده حالنا حاليا ... انا وانت واخويا واخوك ... ماسكين في الفيل وبراينا فيه... مش عارفين نوسع دماغنا شوية ونعرف ان كل واحد بينظر من زاوية ...
العميان الثلاثة .. الاول كان ماسك الارجل .. والثاني ماسك الخرطوم .. والثالث ماسك الذيل ..
عشان كده اختلفوا .. واحنا كمان اختلفنا ...
لو انت وصاحبك اختلفتم ... بلاش تتعصب .. اسمع منه للاخر مش هتلاقيه غلطان .. وخليه يسمع منك مش هيلاقيك غلطان ... ممكن ماتتفقوش خالص .. وده عادي وده مش عشان انت وحش او هو وحش ... لا بس انتوا كل واحد فيكم ليه ميزته ونظرته للامور .. ومفيش نقطة تقاطع بينكم ... تجمعكم ...
قول رايك وماتخافش ... ماتخونش حد عشان اكيد انت كمان مش عايز حد يخونك ... انت مراة للي قدامك .. لو ابتسمتله هيبتسملك ... احترمته هيحترمك ... لكن غلطت .. مش هتلاقي مقابل الا الغلط ... ووقتها
ماتلومش غير نفسك..
(3)حكى أن أحد الأطفال كان لديه سلحفاة يطعمها ويلعب معها ..
وفي إحدى ليالي الشتاء الباردة جاء الطفل لسلحفاته
فوجدها قد دخلت في غلافها الصلب طلبا للدفء .
فحاول أن يخرجها فأبت ..
ضربها بالعصا فلم تأبه به ..
صرخ فيها فزادت تمنعا .
... فدخل عليه أبوه وهوغاضب حانق
وقال له : ماذا بك يا بني ؟
فحكى له مشكلته مع السلحفاة
فابتسم الأب وقال له دعها وتعال معي .
ثم أشعل الأب المدفأة وجلس بجوارها هو والابن يتحدثان ..
ورويدا رويدا وإذ بالسلحفاة تقترب منهم طالبة الدفء .
فابتسم الأب لطفله
وقال : يا بني الناس كالسلحفاة إن أردتهم أن ينزلوا عند رأيك
فأدفئهم بعطفك،ولا تكرههم على فعل ما تريد بعصاك .
وهذه إحدى أسرار الشخصيات الساحرة المؤثرة
في الحياة... فهم يدفعون الناس إلى حبهم وتقديرهم ومن ثم طاعتهم ..
عبر إعطائهم من دفء قلوبهم ومشاعرهم الكثير والكثير .
كذلك البشر لن تستطيع أن تسكن في قلوبهم
إلا بدفء مشاعرك .. وصفاء قلبك .. ونقاء روحك .