ثلاث مئة استقالة يوميا من القطاع الخاص تهدد بدفع التعمين إلى دائرة الخطر
الاثنين, 03 سبتمبر 2012
"عمان الاقتصادي" يفتح النقاش في ملف الباحثين عن عمل:
علي البادي: ضرورة رفع إنتاجية «العام» وتحسين ظروف العمل في «الخاص»
كتبت - أمل رجب - صالح العزري - شمسة الريامية
لأن الارقام لا تكذب ابدا فان الاحصائيات الرسمية التي نشرت مؤخرا تكشف حجم الأزمة التي يمر بها سوق العمل في الوقت الحالي والهروب الكبير للأيدي العاملة الوطنية من القطاع الخاص سعيا للالتحاق بوظيفة حكومية اذ اشار مؤشر حركة الاستقالات وانهاء الخدمة الأسبوعي للقوى العاملة الوطنية في القطاع الخاص الى استقالة وانهاء خدمة 1465 مواطنا خلال الفترة من 25 الى 29 اغسطس أي ان متوسط الاستقالات اليومية اقترب من نحو 300 استقالة.
من جانب آخر فإن حصيلة جهود التشغيل تكاد تكون محصلتها صفرا اذ ان الآلاف من الباحثين عن عمل الذين يتم توظيفهم في القطاع الخاص سرعان ما يقابلهم آلاف أخرى تترك عملها كما انه من بين كل 300- 400 باحث عن عمل يتم استدعاؤهم يوميا يحضر 100 فقط منهم للمقابلات وبينما من الواضح ان الباحثين اصبحوا يسعون للحصول على رواتب اعلى فهم دائما يعزفون تماما عن حضور المقابلات التي يقل الراتب فيها عن 350 ريالا.
المتابعون لسوق العمل يرون ان العاملين بالقطاع الخاص خاصة في الوظائف الدنيا يتركون عملهم بحثا عن مزايا وشروط عمل أفضل وحتى لو التحق هؤلاء بوظيفة ذات راتب منخفض في القطاع الحكومي فان هناك مزايا أخرى تعوض ضعف الراتب وخاصة سهولة الحصول على قرض شخصي.
تأثير الاستقالات لن يقتصر على الاضرار بالقطاع الخاص الذي من المؤمل ان يتحول لقاطرة نمو حقيقة تدر فرص عمل جيدة وجديدة للمواطنين لكن الاسوأ ان سياسة التعمين التي حققت نجاحا كبيرا خلال العقود الماضية يبدو من الواضح انها تدخل دائرة الخطر في ظل الاستقالات الكبيرة من القطاع الخاص وايضا في ظل حركة التوظيف الواسعة في القطاع الحكومي والتي تجعل غالبية الشباب يفضلون ترك عملهم بالقطاع الخاص بحثا عن شروط أفضل لدى الحكومة.. "عمان الاقتصادي" يفتح باب النقاش في هذا الملف الشائك ...
غالبية الاستقالات في "المقاولات"
يشكل المستقيلون في قطاع الإنشاءات 36.7 بالمائة وقطاع تجارة الجملة والتجزئة، وإصلاح المركبات ذات المحركات والدراجات النارية والسلع الشخصية والأسرية 25.5 بالمائة وقطاع الصناعات التحويلية 8.5 بالمائة. كما شكل المنهية خدماتهم في قطاع الإنشاءات نسبة 45.7 بالمائة وقطاع تجارة الجملة والتجزئة، وإصلاح المركبات ذات المحركات والدراجات النارية والسلع الشخصية والأسرية 20.6 بالمائة وقطاع الصناعات التحويلية 9.6 بالمائة.
وفي المقابل فيما يتعلق بالتوظيف اظهر مؤشر حركة التشغيل الأسبوعي للقوى العاملة الوطنية في القطاع الخاص بوزارة القوى العاملة عن تشغيل (829) مواطنا في مختلف التخصصات وفي عدد من المهن والوظائف ووفقا لعقود العمل المعتمدة خلال نفس الفترة حيث مثل قطاع الإنشاءات 37.6 بالمائة وقطاع تجارة الجملة والتجزئة، وإصلاح المركبات ذات المحركات والدراجات النارية والسلع الشخصية والأسرية 20.6 بالمائة وقطاع التعدين واستغلال المحاجر 12.5 بالمائة.
تفاوت في المزايا
وقال سعادة الشيخ علي بن عبدالله البادي نائب رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى ان هناك بالفعل حركة استقالات كبيرة من القطاع الخاص وسببها الرئيسي ان العاملين بالوظائف الدنيا في القطاع الخاص يتركون عملهم بحثا عن مزايا وشروط عمل افضل وحتى لو التحق هؤلاء بوظيفة ذات راتب منخفض في القطاع الحكومي فان هناك مزايا اخرى تعوض ضعف الراتب وخاصة سهولة الحصول على قرض شخصي ورأى سعادته ان موضوع القروض يعد من اهم الاسباب التي تطفو على السطح حين يتعلق الأمر بالحديث عن عدم تفضيل الشباب للعمل في القطاع الخاص وهناك ايضا الفوارق الضخمة في مزايا أخرى مثل الاجازات ولو نظرنا للإجازة في القطاع العام في الاعياد نجد انها تمتد نحو 10 ايام كاملة ولا تتجاوز 4 او 5 ايام في القطاع الخاص.
اما جوهر المشكلة فيرى سعادته ان القطاع الخاص قطاع انتاجي وبالتالي فان كل شخص يعمل في هذا القطاع سيحاسب على انتاجيته وكثرة التغيب عن العمل او الخروج في اجازات ستجعل معدل الانتاجية منخفضا للغاية ونجد العكس تماما في القطاع الحكومي فليس هناك محاسبة على الانتاجية والاجازات مفتوحة مثلما يرغب الموظف.
ودعا سعادته الى ضرورة تحول القطاع العام الى قطاع منتج ووضع آلية واضحة للتقييم وكم العمل المطلوب من كل موظف مؤكدا انه على الحكومة وضع آليات واضحة لرفع الانتاجية في القطاع العام وبالتوازي مع ذلك تحسين ظروف العمل في القطاع الخاص بما يجعله بيئة عمل جاذبة بالنسبة للشباب.
واعرب سعادته عن امله في وجود استراتيجية واضحة لتصحيح كل المسارات في القطاع العام والخاص والاتفاق عليها من قبل كل الاطراف المعنية بالعمل والانتاج بما يكفل في النهاية تحويل المجتمع بكافة قطاعاته الى مجتمع منتج يساهم كل فرد فيه بعمل جاد.
عزوف عن مقابلات العمل
قال فارس بن أحمد الروشدي المدير العام المساعد للتشغيل بوزارة القوى العاملة: ان عملية الاستدعاء للباحثين عن عمل تتم يوميا عن طريق الرسائل النصية والاتصال المباشر بالباحثين عن عمل والمسجلين بهيئة سجل القوى العاملة وذلك حسب المستويات العلمية والخبرات المتوفرة لدى الباحث عن العمل.
وأضاف إن الحضور قليل لا يتجاوز المائة او أقل حيث يتم استدعاء في اليوم ما بين 300-400 باحث في ايام الاسبوع من السبت الى الثلاثاء في محافظة مسقط وتتم العملية وفق آليات فريق للتنسيق مع الشركات وفريق آخر لحضور المقابلات واعطاء النتائج والفريق الثالث لمتابعة التعيينات ونتائج التعيينات.
واشار الروشدي: الى انه يوجد مركز للتوجيه والارشاد يستقبل الشركات والباحثين عن العمل الذين تم الترشيح لهم من خلال ما يعرف ببنك فرص العمل. مشيرا الى ان الباحثين اصبحوا يسعون للحصول عل رواتب اعلى فهم دائما يعرفون الفرص المعروضة لاقل من 350 ريال ويتم العزوف عنها. اما بالنسبة للشركات التي تتوفر لديها رواتب عالية يكون عليها اقبال مثل شركات النفط وكل الشواغر التي تتوفر لديها يتم سد ما فيها بصورة سريعة لكون هذه الشركات تعطي رواتب وحوافز افضل وهناك باحثين عن عمل وهم على مقاعد الدراسة فهم يحضرون المقابلة ويكون لديهم خياران الأول قبول الفرص والثانية مواصلتهم للدراسة وهناك فئة من الباحثين يعملون بأجر يومي ولديهم أعمال أخرى وتقوم بالمراجعة للحصول على فرص أفضل.
وأضاف ان اغلب الباحثين الذين لم يحضروا الى صالات التشغيل يكون السبب هو رغبتهم في العمل في القطاع الحكومي، وبالنسبة للمتخلفين عن المقابلات لا زالوا في قائمة الباحثين عن العمل ويتم استدعاءهم لأكثر من مرة.
وأشار الى انه من اسباب العزوف عن حضور مقابلات العمل ان اصحاب العمل او اصحاب السجلات التجارية لديهم منشآت ومؤسسات خاصة صغيرة وبالمقابل يبحثون هم انفسهم عن عمل وهم في نفس الوقت مشمولين بتشغيل الباحثين في منشآتهم وفق الاجراءات القانونية.
وأوضح مدير عام المساعد للتشغيل: انه يتم التعامل مع الشركات الممتازة والعالمية والاستشارية لتلبية رغبة الباحثين عن العمل وبالمقابل سد حاجة هذه الشركات من القوى العاملة الوطنية. واشار الى ان هناك نسب تعمين تم تحديدها للقطاعات والانشطة الاقتصادية في كل منشأة والان نتعامل مع هذه الفرص الشاغرة والمتوفرة لدى هذه الشركات.
وحول الباحثين المتقاعدين من القطاع الحكومي قال فارس الروشدي: ان القطاع الخاص لديه الرغبة في تشغيل مواطنين وخاصة في بعض المهن المحظورة لغير العمانيين وفئة المتقاعدين ترغب في العمل في هذه المهن وتلاحظ بان هذا المواطن المتقاعد لديه استقرار في عمله بتلك الشركة ومرغوب لدى تلك الشركات نظرا لخبراتهم العملية ولقناعة الشركات بعدم تفكير هؤلاء في البحث عن فرص أخرى في القطاع العام.
ويرى المدير العام المساعد للتشغيل انه لا بد من تشجيع الابناء على مواصلة التعليم وخصوصا التعليم العالي والتدريب الجيد بحيث يكون قادرا على الانتاجية في سوق العمل كما ويجب وضع برامج تشجيع الشباب بالانخراط في المشاريع الصغيرة والمتوسطة حتى يستطيعوا ان يكونوا منشآت قادرة على الدخول في سوق العمل مشيرا الى اهمية دخول الباحثين عن العمل في القطاعات الانتاجية مثل قطاع الصيد السمكي والزراعي والقطاع الصناعي ودعمهم. وايضا التوسع في القطاع السياحي لأنه يستحوذ على عدد كبير من الايدي العاملة الوطنية كونه قطاع واعد في المستقبل.
واشار الى ان الحصول على وظيفة في القطاع العام ليس هو الحل بالنسبة لمشكلة البحث عن عمل وانما يحتاج الباحث الى الدعم للعمل في مختلف قطاعات الانتاج.
باحثون عن عمل:
الراتب والمزايا شروط أساسية لقبول العمل في القطاع الخاص
نطالب بلجان لمتابعة الأيدي العاملة الوطنية واهتمام الشركات بالتأهيل والتدريب
بينما يعتبر البعض أن الشباب لا هم لهم الا التنقل من وظيفة لأخرى بحثًا عن راتب أفضل وكم عمل أقل فان الاستماع لوجهة نظر الباحثين عن عمل يكشف عن الكثير من الاحتياجات للشباب الراغبين في العمل كما يوضح بعض المطالب التي يرى هؤلاء الشباب انها ضرورية لكي يصبح القطاع الخاص بيئة عمل مثالية أو على الأقل مقبولة بالنسبة لهم ومن هذه المطالب الراتب الذي يغطي تكاليف الحياة وتوفير التغطية التأمينية وعدم زيادة ساعات العمل بشكل مبالغ فيه، وتوفير التأهيل حتى يتمكن الشخص من الاستقرار في عمله بالإضافة الى إنشاء لجان نشطة بشكل حقيقي في متابعة أوضاع الأيدي العاملة الوطنية في القطاع الخاص حصة المعينين الجدد الذين قد يتعرض بعضهم لسياسات تؤدي لتنفيره من العمل.
أحمد بن عامر الحبسي خريج حاسب آلي وشبكات منذ ثلاث سنوات من الكلية التقنية بإبراء، ولم يحظ بأي وظيفة حتى الآن، ولم يعرض عليه أي فرصة عمل ولديه استعداد للعمل في القطاع الخاص بحيث لا يقل الراتب عن 450 ريالا، بالإضافة إلى ضرورة التأمين الصحي وذلك بعد سماعه بقصص من زملائه عن تعرضهم لمشاكل صحية أثناء تأديتهم عملهم.
ويحبذ زهران بن سعيد الراشدي، حاصل على بكالوريوس هندسة مدنية، العمل في القطاع الخاص أكثر من القطاع الحكومي، لكن عرضت عليه وظيفة في إحدى الشركات الخاصة ولكنه رفض العمل فيها لضعف الراتب الذي كان 500 ريال فقط، كما أن وضع الشركة على -حد قوله- لا تساعد على الإبداع والتميز، فهو يحلم بوظيفة يكون راتبها حوالي 700 -800 ريال وفي شركة عالمية معروفة حتى يستطيع من خلال عمله في الشركة اكتساب الخبرة والمعرفة من المختصين والمهندسين العاملين في الشركة.
وكذلك المهنا بن شيخان السالمي الحاصل على دبلوم عالٍ في الميكانيكا لديه استعداد للعمل في القطاع الخاص ولكن براتب لا يقل عن 700 ريال، بالإضافة إلى مميزات أخرى مثل التأمين الصحي، ومكافآت بين فترة وأخرى، وقسائم وكوبونات وتذاكر سفر وغيرها من المميزات التي يرى أنها تسهم في الإبداع والإخلاص والإتقان في العمل.
وطالب عبدالله بن محمد العزري، حاصل على دبلوم ميكانيكا بضرورة المساواة بين حاملي الشهادات العليا من دبلوم وبكالوريوس وبين خريجي الثانوية العامة أو دبلوم التعليم العام، حيث يقول: "اعتقد أنه ليس من العدالة أن يكون راتب الثانوية العامة أعلى من راتب حامل الدبلوم أو البكالوريوس، وأنا لا أرفض العمل في القطاع الخاص بشرط ألا يقل الراتب عن 700 ريال، وضرورة وجودة استراحة بين فترة وأخرى خلال ساعات العمل الطويلة، ووجود دورات تدريبية لاكتساب مزيد من الخبرة والمعرفة في مجال العمل مما يساهم بالارتقاء بالشركة، وإتاحة نظام العمل الإضافي بحيث يترك للعامل حرية اختياره لهذا النظام في حالة استعداده لذلك".
بيئة عمل غير مرضية
يوسف بن حمد بن ناصر النعماني باحث عن عمل منذ 3 سنوات حاصل على الشهادة العامة ولديه دورات في الحاسب الآلي والعمل الاداري. يفضل العمل في القطاع الحكومي الا انه في حالة التعذر سوف يقبل للعمل في القطاع الخاص لا سيما العمل المكتبي نظرًا لظروفه الصحية.
واضاف: إن بيئة العمل في القطاع الخاص ليست مرضية ولا يكون عليها اقبال بسبب ضعف الراتب وزيادة ساعات العمل، وقلة التأهيل حتى يتمكن الشخص من الاستقرار في عمله.
وفي حالة حصوله على وظيفة في القطاع الخاص فان الطموح ما زال لديه للحصول على الافضل بالبحث عن وظيفة في القطاع العام. مشيرًا إلى أن العمل الحكومي أضمن حيث إن الشركات في حالة إفلاسها او انتهاء عقودها سوف يتم تسريح الموظفين أو تخفيض الرواتب والعلاوات والمميزات، وخاصة اذا كان المسؤول في الشركة غير عماني. موضحًا أن الوظيفة الحكومية أضمن من حيث التقاعد والحالات الاستثنائية مثل تقدير الظروف الصحية للشخص وليس فيها تسريح للموظفين.
محمد بن عبدالله الطارشي باحث عن العمل حاصل على الشهادة العامة يقول في حالة استدعائه للعمل في القطاع الخاص ليس لديه مانع على ان يكون الراتب معقولا وان يكون هناك تدريب وتأهيل وان تكون الشركة ذات مستوى جيد حتى يبقى في عمله أطول فترة ولا يفكر في الخروج منها.
ويناشد الطارشي بإيجاد لجان لمتابعة المعينيين في القطاع الخاص ومدى اهتمام الشركات بالشباب العاملين فيها من حيث التأهيل والتدريب وكذلك من حيث الاعتماد عليهم في العمل وخاصة الاعمال الفنية والمهنية نظرًا لاحتكار القوى الوافدة على تلك المهن وعدم إتاحة الفرصة للشباب العماني للعمل فيها.
أحمد بن ناصر بن سليمان الحبسي لديه دبلوم ميكانيك من كلية كاليدونيان تم استدعاؤه للمقابلة للعمل في عدد من الشركات الا ان الحظ لم يحالفه وهو على استعداد للمقابلات في أي وظيفة تناسب مؤهلاته وليس لديه مانع للعمل في القطاع الخاص وفي أي مكان من مناطق السلطنة، وأشار إلى أن المتنافسين على الوظيفة يتم قبول من هم لديهم الخبرة السابقة في الوظيفة فكيف للباحث عن العمل المتخرج من الكليات ان تكون لديه خبرة عمل ولهذا يتمنى اما ان يكون هناك تأهيل من قبل الجهات المعنية حتى يتمكن الباحثون عن العمل من المنافسة ولا يكون هناك أي عذر لدى الشركات بعدم وجود خبرة وخاصة في المهن الفنية.
ويشارك في الحديث محمد بن ناصر بن سليمان الحبسي لديه الشهادة العامة وفي لغة انجليزية وفي الحاسب الآلي باحث عن عمل منذ عامين حول اتاحة الفرصة للعمل في القطاع الخاص أو العام يقول ليس لديه مانع وانما على ما هو مكتوب له ويرغب العمل في محافظة مسقط حتى يتمكن من مواصلة دراسته الجامعية.
مؤكدا انه اذا أتيحت له الفرصة للعمل سوف يقوم بتحسين مستواه التعليمي والتأهيل ويطالب بالاهتمام بالشباب العماني ومتابعتهم في عملهم في الشركات